قصر القامة وهرمون النمو

Friday, 20 December 2013

د.انور سالم مبارك

يعتبر قصر القامة لدى الأطفال أو تأخر النمو الطولي من أكثر الظواهر شيوعاً بين الأطفال وأبلغها تأثيراً في نفوسهم. ويعتبر الاكتشاف المبكر لهذه المشكلة وعلاج الأسباب المؤدية إليها مؤثراً إيجابياً على صحة الطفل ومستقبله.

أن الطول الطبيعي للطفل قد يختلف باختلاف العوامل الوراثية والبيئية والجسدية كبنية الجسم وتكوينه ويمكننا بصورة عامة القول بأنه عادة ما يكون طول الطفل بعد الولادة 50 سم ويتراوح من 46 سم – 54 سم ويزيد طول الطفل حوالي 25 سم في السنة الأولى من عمره و 12 سم في السنة الثانية وبعد ذلك يكون معدل الزيادة في الطول حوالي 5-7 سم في السنة الواحدة حتى مرحلة البلوغ التي تكون فيها زيادة الطول .

تعريف قصر القامة:

من طوله اقل من المعدل الثالث المئوي على مخطط النمو.

أسباب قصر القامة لدى الأطفال

يمكن تقييم أسباب قصر القامة لدى الأطفال إلى قسمين رئيسين:
أسباب غير مرضية (غير عضوية(
أسباب مرضية (عضوية(

وتشكل الأسباب الغير مرضية القسم الأكبر من أسباب قصر القامة لدى الأطفال حيث أنه قد يندر أن يكون وراء تأخر الطفل الطولي سبب عضوي أو مرضي. فتلعب العوامل الوراثية كطول الأبوين أو طول أفراد العائلة أو العوامل الجسدية كبنية الجسم وتكوينه وبداية البلوغ دور أساسياً في مستوى نمو الطفل وطوله المستقبلي عند البلوغ.

(1) أسباب عائلية,(familial short stature) بمعنى أن يولد الطفل لأبوين قصيري القامة وفي هذا الحالة يكون النمو طبيعيا ولا يعاني الطفل من مشكلات طبية وتظهر عليه علامات البلوغ في نفس الوقت الذي تظهر فيه على أقرانه. ويصل إلى الطول النهائي للعظام في نفس العمر المتوقع.

(2) تأخر البلوغ (constitutional delay of growth and development) وهو تعبير يطلق على الأطفال الذين ينمون بشكل طبيعي ولكن يكون هناك تأخر في الوصول للطول النهائي للعظام وتأخر للبلوغ أيضا.

ويكون الطول النهائي لهؤلاء الأطفال طبيعيا مقارنة بأقرانهم وأفراد عائلاتهم ولكنهم يكونون أقصر من أقرانهم في فترة ألبلوغ وكذلك تتأخر ظهور علامات البلوغ عليهم سواء كانوا ذكورا أو إناثا.

وبالرغم من أن الأسباب المرضية )العضوية) تشكّل القسم الأصغر من أسباب قصر القامة إلا أنه ينبغي الكشف المبكر لها وبالتالي علاجها حتى لا تؤثر سلباً على نمو الطفل ومستقبله. وتضم هذه الأسباب ما له علاقة بـ:

(1) أمراض الجهاز الهضمي والكبد وسوء ألتغذية

(2) أمراض الكلى ألمزمنة

(3) التهابات الجهاز التنفسي المتكررة وأمراض القلب وما يصاحبها من نقص في الأكسجين تلعب دوراً رئيسياً في التأثير على مستوى طول

(4) اضطرابات الغدد ألصماء وتضم نقص هرمون النمو الذي يفرز من الغدة النخامية ونقص هرمون الغدة الدرقية أو زيادة إفراز الغدة الكظرية أو الأمراض التي تصيب منطقة الغدة النخامية وتعتبر كل هذه من المسببات لنقص التسارع الطولي وعادة ما يصاحبها زيادة في الوزن.

(5) اختلال الكر موسومات (الصبغات الوراثية) والعيوب الخلقية وبعض المتلازمات كمتلازمة داون وتيرنر وغيرها من المتلازمات التي يكون قصر القامة أحد علاماتها.

(6) 15%من الأطفال الذين يولدون بوزن اقل من الوزن الملائم لسن الحمل Small for Gestational Age يشكون من نقص في التزايد الطولي و من ثم قصر القامة.

(7) قصر القامة لأسباب غير معروفة .Idiopathic short stature

هرمون النمو

هرمون النمو هو بروتين وحيد السلسلة مكون من 191 سلسلة الأحماض الأمينية مع الوزن الجزيئي لحوالي 22 كيلو دالتون.  يتم تحريرها في مجرى الدم من قبل خلايا  somatotrope في الغدة ألنخامية و له العديد من الوظائف في النمو الكلي لخلايا الجسم ألبشري تكون مستوياته في أعلاها أثناء مرحلة ألطفولة و تنخفض المستويات مع التقدم في العمر. تأثير هرمون النمو GH في دعم عمليات النمو واسع جدا فهو يدعم نمو العظام والعضلات ألهيكلية النسيج الضام، والأعضاء الداخلية. كما أنه يدعم عمليات التمثيل الغذائي للبروتين الكربوهيدرات، الدهون والمعادن.

وهرمون النمو لا يؤثر بشكل مباشر بل بواسطة عامل النمو 1 المشابه للأنسولين IGF-1أو السوماتوميدين somatomedin حيث يحرض هرمون النمو على إفرازه في الأنسجة المحيطية و خاصة الكبد.

و قد يحصل نقص خلقي بسبب طفرة مورثيه أو نتيجة ورم أو ارتشاح أو نزف في النخامي يخرب الخلايا المفرزة لهرمون النمو.
نقص هرمون النمو عند الأطفال يسبب :
– قصر القامة
– ضعف في النمو
– التشوهات الخلقيّة
– تأخر النضوج الجنسي

أما إذا حصل النقص في الكبار  والذي يعد نادر الحدوث فيؤدي إلى أعراض متنوعة مثل تجمع الشحوم ونقص في الكتلة العضلية وزيادة الماء خارج الخلايا ونقص كثافة العظم ونقص في قوة العضلات واحتمال الجهد وكذلك التعب والإرهاق والاكتئاب والقلق والتعب الذهني ونقص الحافز والإحساس بالحياة وزيادة الشحم في منطقة البطن مع زيادة في مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية والذي يشكل السبب الأساسي للموت في هؤلاء المرضى.

 أسباب زيادة إفرازه
أهم سبب لزيادة الإفراز هي الأورام النخامية المفرزة لهرمون النمو,إذا حصلت زيادة الإفراز في الطفولة وقبل انغلاق المشاشات العظمية تحدث العملقة GIGANTISM أما إذا حصلت بعد انغلاق المشاشات تحدث ما يسمى ضخامة النهايات .ACROMEGALY

التشخيص
يعتمد التشخيص في المقام الأول على أخذ تاريخ مفصّل للمشكلة المرضية ويشمل ذلك التعرف إذا ما كانت هناك أعراض تخص الجهاز الهضمي أو التنفسي أو غيرها من الأجهزة. أيضاً يجب ملاحظة تغذية الطفل ومقدارها وتنوعها وحساب دقيق لمقدار السعرات الحرارية التي يتناولها الطفل.

أما عن المؤشرات لنقص هرمون النمو فهي:
• الطفل القصير لوالدين ذوي قامة طبيعية.
• أفراد في العائلة قصيري القامة.
• طول اقل من معدل الثالث المئوي على مخطط النمو.
• بطئ التزايد الطولي .
• تم نفي إي سبب آخر لقصر القامة.
• تأخر في عمر العظام.

يتم التشخيص النهائي على أساس ضعف الاستجابة بالاختبارات المحرضة لإطلاق هرمون النمو بمعدل منخفض من 7.5 نانوغرام/مليلتر في اختبارين مختلفين.

العلاج
علاج قصر القامة يعتمد على معرفة السبب. فإن كان السبب وراثياً أو عائلياً فقد يصعب التدخل الطبي لحل هذه المشكلة ويقتصر العلاج على المتابعة. أما إن كان السبب عضوياً فعلاجها يكون بعلاج العضو المصاب كعلاج أمراض الجهاز الهضمي أو الكبد أو غيرها.

أما إذا كان السبب هو نقص أو اضطراب في إفراز أحد الهرمون فيكون العلاج بتعويض الطفل الهرمون المفقود.

يتم العلاج بحقن هرمون النمو المصنع GH recombinant يوميا تحت الجلد بكمية تتراوح ما بين 0.025-0.04     ملغرام/كيلوغرام يوميا.

السن التي يمكن فيها معالجة هذه المشكلة
يعتبر الكشف المبكر في غاية الأهمية بالنسبة إلى الطفل المصاب بقصور هرمون النمو.
لذلك للحصول على نتائج فضلى، من الأفضل اكتشاف المشكلة في سن صغيرة نسبياً والبدء بمعالجتها في مرحلة مبكرة.
علماً إن القياسات السنوية الدقيقة التي يجريها الطبيب ووضع رسم بياني لنمو الطفل تساهم بكشف إصابة الطفل بقصور النمو ومعالجته قبل أن تنصهر العظام لأنه عندها يتوقف نمو الطفل.

العوارض الجانبية للعلاج بهرمون النمو:

• ورم دماغي كاذب Pseudotumor cerebra وهو أشيع عرض جانبي للمرضى الذين لديهم قصور كلوي.
• زيادة في انزلاق مشاشة رأس الفخذ . slipped capital femoral epiphysis
• اضطراب في وظيفة الغدة الدرقية.
• اضطراب تحمل السكر .IGT
• انحناء العمود الفقري. Scoliosis
• لا يوجد معلومات تؤكد وجود ترافق أو زيادة خطر حدوث اللوكيميا أو الأورام الأخرى ولكن كٳحتياط يجب عدم استخدام هرمون النمو في الأشخاص المشخص لديهم أورام خبيثة أو حميدة لاحتمال نمو الورم نظريا أو تكرره.

الحالات المصرح  إعطاءها هرمون النمو:
أ‌) نقص في إفراز هرمون النمو.
ب‌) متلازمة ترنر .Turner syndrome
ت‌) فشل كلوي مزمن.
ث‌) متلازمة بردرولي . Prader Willi syndrome
ج‌) الأطفال الذين يولدون بوزن اقل من الوزن الملائم لسن الحمل Small for Gestational Age ذوي القامة القصيرة والذين أعمارهم ما فوق 4 سنوات.
ح‌) بالغ مع نقص في إفراز هرمون النمو.
بالإضافة للحالات المذكورة أعلاه مصرح في الولايات المتحدة إعطاء هرمون النمو لقصري القامة لأسباب غير معروفة Idiopathic short stature.

هرمون النمو وعلاقته بالرياضيين

حتى الآن لا يوجد طريقة موثوقة لٳكتشاف سوء ٳستخدام هرمون النمو من قبل الرياضيين بسبب النموذج النبضي لتحرر الهرمون وعدم قدرة طرق الكشف الحالية من التمييز بين هرمون النمو الداخلي المنشأ والخارجي.
الاستخدام المزمن لجرعات فوق الفيزيولوجية لهرمون النمو تسبب ملامح ضخامة نهايات والتهاب عظم ومفصل وتشوهات عظمية ومفصلية ونقص نشاط الغدد الجنسية والسكري واضطراب ٳستقلاب الشحوم.
يستخدم الرياضيون هرمون النمو لتحسين انجازهم ولكن اغلب الدراسات تشير لعدم حدوث أي تحسن في الأشخاص الذين ليس لديهم نقص في هرمون النمو.

شركات المكملات الغذائية

 هناك خطأ شركات المكملات الغذائية تنتج منتجات تحرض على إفراز هرمون النمو على أمل أن تساعد في الحفاظ على الشباب وإيقاف تقدم السن وظهرت هذه النظرية بسبب مقولة أن نقص هرمون النمو هو المسبب لمظاهر التقدم بالسن ومنها زيادة النسج ألدهني ونقص كتلة العضلات ورقة الجلد وعلى الرغم أن إعطاء هرمون النمو يفيد في حالات النقص ولكن إعطائه في الأشخاص الطبيعيين لم يثبت تأثيره في إيقاف التقدم بالسن والكثير من المكملات المسماة الأدوية المقاومة للشيخوخة تعمل على تحريض إفراز هرمون النمو تسوق حاليا ولها شعبيتها الزائدة .

نزل المقال من هنا

TOP