كشف وتحديد الانواع الجينية لفيروسات حمى الضنك في محافظة الحديدة

مراد عبدالرحمن الاهدل

تعتبر فيروسات حمى الضنك من أخطر الفيروسات المنقولة عن طريق البعوض (الزاعجة المصرية (Aedes aegypti  حيث تنتمي هذه الفيروسات لعائلة الفيروسات الفلافية والتي تغزو دائما المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية حول العالم وقد كشفت العديد من التقارير الدولية والابحاث العلمية المنشورة عن انتشار هذه الفيروسات في العديد من المناطق اليمنية وخصوصاً محافظة الحديدة التي يستوطنها وباء حمى الضنك و تعاني زيادة دراماتيكية في معدل الاصابة بالأوبئة الناتجة عن هذا الفيروس منذ العام 1994م ولكن هذه الأوبئة لم تحظى بدراسات دقيقة بما فيه الكفاية. حيث ذكرت منظمة الصحة العالمية في تقريرها الصادر عام 2010 م عن المناطق اليمنية التي تستوطنها حمى الضنك ومنها محافظة الحديدة التي كانت من أكثر المناطق المصابة في اليمن بلغ عدد الحالات المشتبه إصابتها بالمرض 10620 حالة. وبالتركيز على محافظة الحديدة كنموذج للمناطق الساحلية الموبؤة في الجمهورية اليمنية أستهدفت هذه الدراسة مواقع متعددة من محافظة الحديدة إبتداءً من سبتمبر 2012 وحتى يونيو 2013م.

لقد تم جمع عينات دم الحالات المشتبهة باصاتها بحمى الضنك من المركز الوطني لمختبرات الصحة العامة وعدد من المستشفيات والمراكز الصحية بالحديدة بينما بعض العينات أخذت من بعض منازل المصابين وذلك بعد مرور من 4-7 أيام من بداية ظهور الحمى وبعد تجلط الدم تم فصل السيرم من كل عينة وترقيمها ونقلها الى المركز الوطني لمختبرات الصحة العامة المركزية –صنعاء في صندوق بلاستيكي تحت التبريد. فقد جمعت 425 عينة سيرم يشتبه بإصابتها بفيروس حمى الضنك ومن ثم فحصها سيريولوجياً باستخدام تقنية مقايسة الممتز المناعي المرتبط بالإنزيم (إليزا). كما تم جمع البيانات الديمجرافية والمؤشرات الاجتماعية والاقتصادية المتوقع ارتباطها بانتشار هذه الفيروسات.

وقد أظهرت النتائج أن عدد 179 عينة ايجابية للإصابة الحادة بفيروسات حمى الضنك من اجمالي 425 عينة مفحوصة بمعدل (42.11 %) بينما كانت 262 عينة موجبة لفحص الاصابة القديمة أو المزمنة بمعدل (61.6 %) بالإضافة إلى أن عدد الحالات التي كانت موجبة للإصابة الحادة والمزمنة في نفس الوقت 96 عينة بمعدل (22.6 %) بينما كانت الحالات غير المصابة نهائيا 83 حاله بمعدل (19.5 %). بعد ذلك تم أخذ الحالات الموجبة للإصابات الحادة بفيروسات حمى الضنك (179 عينة) وإجراء الفحوصات الجزيئية عليها باستخدام تقنية الوقت الفعلي للتفاعل المتسلسل لإنزيم البلمرة وتقنية التفريد الكهربائي ومن خلال الفحوصات تم عزل فيروس الضنك من 69 حالة إصابة فقط. وقد أظهرت النتائج أن الانواع الجينية الأربعة لفيروسات حمى الضنك منتشرة في محافظة الحديدة, الجدير بالذكر تسجيل النوع الجيني الرابع لأول مرة في الجمهورية اليمنية. وقد لوحظ أن الفيروس من النوع الرابع من أكثر الفيروسات انتشاراً في هذه الدراسة.

كما أوضح التحليل الإحصائي للبيانات التي تم جمعها أن هناك علاقة معنوية بين الاصابة بفيروسات حمى الضنك وبين النوع الاجتماعي (0.001P =  قيمة المعنوية) وتركيب المنازل (0.054  P =قيمة المعنوية) في حين كانت بقية العوامل والمؤشرات ليست ذات علاقة معنوية, كما لوحظ أيضاً أن نسبة الذكور المصابين بفيروسات حمى الضنك  77.09 % أعلى من نسبة الإصابة في الإناث والتي كانت 22.90 % في حين أن نسبة الإصابة في المنازل العشوائية البناء (المفتوحة) كان بمعدل 49.16 % أقل من نسبة الاصابة في المنازل المغلقة (الشقق)  58.8%.

أما المواقع التي اخذت منها العينات فقد أظهرت أن معدل انتشار الاصابة بالفيروس في المناطق الحضرية أعلى منه في المناطق الريفية علاوة على ذلك فقد كانت فئة الشباب بمتوسط عمر(25 سن) من أكثر الفئات العمرية إصابة بالمرض وقد تبين أن زيادة انتشار الاصابة بالفيروس مرتبط بالمناطق التي يكون فيها معدل تكاثر وزيادة بعوضة الزاعجة المصرية كبيراً  بالإضافة إلى أن الأشخاص الحاصلون على المستوى الثانوي في التعليم كانوا الأكثر إصابة بمعدل 45.81% أعلى من المستويات التعليمية الأخرى وأيضا كان معدل انتشار الاصابة بالفيروس بين الاشخاص ذوي الدخل الضعيف (53.07 %)  أعلى من معدل الانتشار بين الاشخاص ذوي الدخل المتوسط (46.93 %) .

وبناءً عليه خلصت الدراسة إلى أن محافظة الحديدة من المناطق التي تستوطنها فيروسات حمى الضنك في الجمهورية اليمنية ويتواجد فيها الانواع الجينية الاربعة لهذه الفيروسات وقد تم تسجيل النوع الرابع من فيروسات حمى الضنك لأول مرة في الجمهورية اليمنية. كما تبين أن النوع الاجتماعي (الذكر والانثى) وتركيب المنازل من العوامل المرتبطة معنوياً بانتشار الاصابة بهذه الفيروسات في حين كان إرتباط بقية عوامل الخطورة المدروسة بانتشار الاصابة في محافظة الحديدة غير معنوي.

نزل المقال من هنا